آخر الأخبار

مع الإعلان عن موعد الانتخابات، تهافت الأحزاب السياسية

0

يوسف اليوسفي
ما إن أعلنت الحكومة مشخصة في وزارة الداخلية عن موعد
الانتخابات حتى نفضت الأحزاب السياسية الغبار عن مقراتها وفتحتها كما فتحت محالات بيع الأثاث في أيام العيد وكأن بالانتخابات عيد عند الأحزاب السياسية فقط تشتري فيه الأضاحي وتذبح فيها احلام المواطنات والمواطنين. أحزاب سياسية تعتبر نفسها وازنة في الساحة السياسية تخبطت في أول حديثها عن الأمر بين حديث عن إجبارية التصويت التي ذهبت نحوه في أسوأ توجه بعض الأحزاب فيما رفضت بعضها المقترح معتبرة التصويت اختيار وليس اجبار في محاولة باهتة لإقرار مبدأ الاختيار الديموقراطي الذي يعتبر واحدا من ركائز قيام الفعل السياسي بالمغرب، وبين أحزاب سياسية توجهت للحديث عن التشجيع على التصويت ليطرح المغاربة سؤالا عميقا يتمثل في كيف ستشجع الأحزاب المغاربة على التصويت والانخراط في العمل السياسي؟
سؤال ظل معلقا في أذهان المغاربة جميعا إلى أن خرجت بعض الأحزاب السياسية يعرفها المتتبع للشأن السياسي جيدا بمقترحات كل ما يمكنني أن أقول فيها حسب وجهة نظري أنها غبية، لما ربطته من في محاولة لذر الرماد بين التشجيع والتمييز والتفضيل تمييز المصوت عن غير المصوت في الانتخابات وتفضيله بقرارات تعد في الأساس رجعية أو لأصبغها بمفهوم جديد اقتراحات لاديموقراطية تغتال الحق في الاختيار الحقيقي الذي ناضل عليه الشعب المغربي منذ القدم فكيف سولن الأحزاب السياسية لنفسها أن تقول بهذا التشجيع غير آبهة بردود أفعال المغاربة ما يجعلني أتساءل اليوم مع المغاربة جميعا هل أصبحت أحزابنا السياسية عمياء لحد أنها تخبط خبط عشواء في تدبير شؤون المغاربة والترافع عن مطالبهم أم أنها أصبحت عقيمة لا تستطيع إنتاج الأفكار بسبب عملية قيصرية قد يكون المخزن من ورائها؟
في اللحظة التي كنا ننتظر من هذه الأحزاب أن تضع يدها على الجرح الحقيقي الذي يدمي الجسد السياسي المغربي وينهك قواه خرجت علينا بعكازها تتخبط بين مشاركة الشباب عند بعض الشبيبات ما يؤكد حدود طموحهم السياسي، وتمثيلية النساء عند كثيرات ما يجعل الأفق محدودا تماما أمامهم وما يغطي سقف الممارسة السياسية عند المخزن ويعري سوأتها عند المغاربة إذ كيف نثق في شاب كل همه أن يدرج اسمه في لائحة الشباب ساء شابة أو شاب كان؟ غير مهتمين بمشاكل الشباب الحقيقية التي كان يمكن توظيفها سياسيا أو اجتماعيا وثقافيا والمتمثلة في أزمة التشغيل الحقيقية التي صاحبت كورونا، خاصة وان الحكومة لن تستطيع خلق مناصب شغل في هذه السنة والسنة القادمة على أقرب تقدير والسنوات مرجحة للارتفاع.
كان على الأحزاب السياسية المعطوبة اليوم أن تبحث عن سبل جديدة تمكن المواطن من فهم الفعل السياسي وتمكنه منه على غرار بعض الاحزاب التي يتهمها البعض بتمييع المشهد السياسي ببلادنا، والتي أعتقد أنها ضرورة ملحة للبناء الفعلي من قبيل:
أولا: إشراك القاعدة في قرارات القيادة لأن هذا هو الأصل في الديموقراطية والتفويض كيف ذلك ؟
في اللحظة التي نتحدث عن الديموقراطية نتحدث عن المشاركة في السلطة غير مهتمين بأية مشاركة هذه أهي مشاركة فاعلة منتجة أم هي مجرد مشاركة منفعلة مستهلكة؟ حيث ان الأصل عند اليونان كأول مجتمع آمن بالديموقراطية ودافع عنها أن يشارك الجميع مشاركة هادفة ومنتجة وفاعلة يكون المواطن فيها منتجا للأفكار وليس مستهلكا لها كل ما يقوم به هو اجترار أقوال القيادات وترديدها دون وعي كما يسود ساحتنا السياسية اليوم في ظل هيمنة المشاركة السياسية المبنية على التجييش ووالريع الحزبي، وما أن أصبح المجتمع السياسي غير قادر على الاجتماع في ساحة أكورا صارت الديموقراطية تعني المشاركة في التفويض أي تفويض حق المواطن في التعبير عن رأيه لمواطن آخر يمتلك المهارات والطاقات التعبيرية الحقيقية، وليس يمتلك المال الوافر والقبيلة العنيفة كما نعيش في مجتمعاتنا العربية المتخلفة. ديموقراطية انبنت أساسا في زمن الحداثة على التعاقد وهذا ما لم ولن نستوعبه في بلادنا حتى وإن استوعبناه فإنه يظل غير قريب من ممارستنا للسياسة لأنه يساوي بين الراعي والرعية ويجعل الحاكم يوقع اتفاقا ولو ضمنيا مع المحكوم يقوم بحسب هوبز ولوك على أساس التعاقد أي أن الحاكم يظل مبايعا إلى حين توقفه خدمة صالح الأمة والمواطن وهذا لا يمكن أن يدافع عنه حزب سياسي في بلادنا حتى المتبجح منهم بتطبيق قواعد السياسة الشرعية التي تدعو إلى أن الحاكم يجب أن يتواصل مع المحكوم ويصهر على خدمة صالحه وهنا نبتعد عمدا عن التعاقد ونصر على إهمال القاعدة والجمهور كي ننال حقوقهم وهنا أتساءل اليوم، هل يمكن أن يمارس الأطرش السياسة والفعل السياسي في مجتمع إنساني؟
أعتقد أن البعض سيحاول أن يحور النقاش هنا عند لفظة واحدة وهي لفظة”الأطرش” في محاولة خسيسة للنيل من أفكاري، وهنا أعتقد أن التوظيف لا يقصد الاستعمال الوظيفي للأذن فذوي الحاجات الخاصة أذكى الناس وأصدقهم في التعبير عن ذواتهم وأفكارهم. المقصود بالأطرش هنا القيادي الذي يصم آذانه عن القاعدة ويتجاهل صوتها ومطالبها ضاربا بعرض الحائط مطالبها وتطلعاتها وكأنه يقول لها:”سأسمعك حين أحتاج توظيفك” أو في تعبير سيء:”سأشتري ما استطعت حين يبدأ سوق النخاسة”. إن القطيعة التي تعيشها القيادات مع القواعد هي سبب الأزمات السياسية التي نعيشها وعلى رأسها العزوف عن المشاركة السياسية الهادفة التي تشجع الشباب فعليا على المشاركة وهنا على القيادة أن تأخذ ولو بقليل من فكر هابرماس التواصلي القائل بضرورة التواصل أو بالفكر السياسي الاسلامي في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان ينصت لشعبه ويأخذ برأيهم ويستشيرهم وفي السيرة عبر على ذلك كثيرة لمن أراد أن يستفيد من الأمر الذي لخصه الله في آية كريمة:”شاورهم في الأمر”.
إن المعرض عن التواصل معرض عن السياسة ومبتعد عن تدبير شؤون الناس فحتى الله قال عن نفسه بالقرب من العباد والتقرب منهم.
لست هنا للخوض في كل شيء بل للاشارة والتنبيه لما نعيشه من إكراهات ومعيقات تحول دون مشاركة الشباب وهو إبعاد مقصود تطرقت له في مقال سابق لي حول المشاركة الفعلية للشباب بين الخطاب والواقع.
إن العلاجات الممكنة للسياسة ببلادنا تكمن أساسا في:
– مراجعة فورية للدستور وتعديل بعض فصوله.
– تعديل فوري لقانون الأحزاب السياسية بإجماع الأحزاب السياسية المشاركة في البرلمان أو غير المشاركة فيه ولا أريد هنا الحديث عن التمثيلية لأنها تمثيلية لا تحكمها الأرقام بل الغايات.
– تعديل فوري لقانون الانتخابات يراعي المستجدات السياسية بالبلاد ويتماهى وروح الدستور.
– وضع شروط دقيقة للترشح ولنأخذ بعض الشيء من اليونان الذين اعتبروا تصويت العبيد أمر محسوم فيه، ولنأخذ من تعاليم الدين كيف كانت الخلافة تتم حتى زمن علي بن أبي طالب والشروط التي كانت توضع.
– تحديد معايير دقيقة لأعضاء الأمة حتى يمثلوا الشعب .
– القطع مع الامتيازات التي تسيل لعاب الكثير من المنتسبين للفعل السياسي ببلادنا.
– لا حصانة، لأن الحصانة ضرب صريح في مبدأ دستوري حقيقي هو تساوي المواطنيين أمام القانون.
– ضرورة العمل على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة للمحكمة الدستورية الحق في متابعة أية شخصية عمومية سجلت في حقها خروقات .
– للنايبة العامة الحق في المتابعة لجميع أعضاء البرلمان والحكومة والتحقيق معهم في اي شيء تحوم حوله الشكوك.
– دسترة مجلس يهتم بمراقبة المال العام ومراقبة عمل الحكومة مع البرلمان.
إن تطهير المشهد السياسي ببلادنا دون أن نكذب على أنفسنا يبدأ بالقطع مع الريع السياسي والامتيازات التي تنالها بعض الكائنات الانتخابية التي تفعل ما تراه مناسبا للحفاظ على مكانتها وحصانتها.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط