طيلة أربع سنوات وأنا ألتمس منه إخراج حكايته إلى المغاربة، ليس فقط بحكم جوانب الإثارة التي تتضمنها حكايته كقصة صحافية، ولكن أيضا
للدور البيداغوجي الذي يمكن أن يقوم به الإعلام في التوعية وتجسيد الوقائع بدل الأحلام بل الأوهام المسوقة حول السفر إلى الخليج لدى بناتنا، واليوم فقط سأعتبر أن الحكاية التي سأرويها، ليست بالضرورة ناتجة عن تكليف من طرف هيئة تحرير الجريدة، بل أيضا باعتبار أن صاحبها قد بدأ يتشافى من تداعياتها، بعد أن دخل مغامرة ثانية للزواج.
لنتفق على تسمية الرجل بـ (ع.ع) وزوجته بـ (م.س).
(ع.ع) مهندس مغربي خريج المدرسة الحسنية للمهندسين، التحق في بداية التسعينيات بإحدى دول الخليج، وتولى إدارة شركة تشرف على سلسلة من الفنادق، لم يكن الرجل مُعدَماً، لقد كان يلتقي بأجمل النساء ويحتك بأكبر المسؤولين العبر دوليين، وبحكم أدائه المهني وتكتمه الزائد عن الحاجة أحيانا، وجد نفسه وسط كبار المسؤولين في الأسرة الحاكمة، كان هو من يتكفل بإيصال شحنات الخمور العالية الجودة، والنساء الجميلات العابرات للقارات، من المطار إلى قصور النافذين في الإمارة الخليجية، ازدادت ثقة العائلة الحاكمة في (ع.ع)، بعد حادثة موشومة، لحظة انقلاب شاحنة محملة بالخمور والنساء، إذ تحمل الوزر القانوني والمسؤولية الجنائية للحادث، دون أن ينبس ببنت شفة بإسم من كانت ستوجه إليه هذه الشحنات.. لم يمض إلا أسابيع قليلة في دهاليز المحكمة حتى أُفرج عنه بكفالة.. وطُوِيت القصة.
كبر الرَّجل في أعين مسؤوليه، فأصبح جليسهم ومحط أسرارهم ومدير أعمال الكثيرين منهم، لكنه كأي مغربي أصيل، لم يشأ التزوج إلا ببنت البلاد، تزوج إبنة خالته (م.س) وهي مجازة في القانون وحاصلة على شهادة (TOFL) في الإنجليزية، لقد وافق شن طبقة..
من مدينة هادئة من نواحي البيضاء، وجدت (م.س) نفسها أمام عوالم أسطورية من البذخ والثراء والنعيم، لكنها مع ذلك ظلت وفية لزوجها، تساعده في إدارة أعماله وتقوم بشؤون بيتها كأي مغربية أصيلة..
لكن للمال غوايات لا تقاوم، (ع.ع) “زغبوا الله” وأقام حفلا، كرد للجميل، لبعض علية القوم احتفاء بمرور سنة على زواجه، أقيم الحفل بلندن، على متن باخرة يمكلها سعودي، هنا سيتغير مسار (ع.ع) و(م.س) في علاقته بالمحيط.
التقت عين أمير خليجي بالفاتنة زوجة مدير أعماله، فأخذ يتقرب منها، ويكرمها بالهدايا الثمينة، ولأن الأفاعي لا تسكن الصحاري فقط، بل القصور أيضا كما تعلمنا كيليوباترا، فقد افتتنت (م.س) بالسهرات وبالهدايا، وأخذت، يقول زوجها، تلبس فساتين مثيرة وتشرب أحيانا كؤوساً من الشامبانيا ثم الويسكي، و”من هاذي للكارُّو”، ولأن زوجها كان يدخن ويخمر على عادة متعهدي الفنادق والمطاعم الكبرى، فقد قرَّ قراره يوماً أن يُقلع عن التدخين وعن شرب الخمر، وأن يلتمس من زوجته الحذو حدوه، فكانت صدمته كبيرة حين قالت له: “أنت دوَّزتي أيامك في هاذ النعيم، عاد بغيتِ توب ملِّي شبعتي، أنا راه يا الله بديت”! كأي عربي تعصى طلبه امرأة، تبدأ التساؤلات العميقة، لكنه مع ذلك لم يلتفت إلى الأمر..
وبحكم أنه هو من كان يحمل زوجته إلى الحمام، الحلاقة، سوق الملابس والمجوهرات، لأن (م.س) لن تكن تعرف البلد الخليجي الذي أواها، فإن زوجته أصبحت تفاجئه.. تعرف أوقات عمله، وتصر على قضاء حاجياتها في لحظة غيابه على خلاف العادة..
مرة، عاد إلى المنزل باكراً، ولأنها أخبرته أنها عند حلاقتها المعتادة، فضَّل حملها معه في الطريق غير أنه تفاجأ بهاتفها المغلق وبعدم مرورها عند الحلاقة، توجه إلى المنزل فلم يجدها، فأخذ الشك يراود نفسه، خاصة حين لم تصل إلى المنزل إلا في وقت مغادرته للعمل، وهي مخمورة.. لكم أن تتصوروا الكذب الأول والصلح الموالي وعودة الأمور إلى مجاريها..
لكن بيني وبينكم، الرجل لم يهضم الأمر، بحكم تكرار حالات الكذب، فأخذ يتتبع زوجته، وكانت صدمته حين رأى سيارة قصر أميري تحملها، وتوصلها إلى مالك مجموعة فنادق عالمية كان (ع.ع) يدير سلسلتها في ذات البلد الخليجي.
واجه (ع.ع) زوجته بالحقائق، فأنكرت، ولما نشر بين يديها الصور ومقاطع الفيديو، اعترفت، بأن الأمير شقيق الحاكم أغواها، فانهارت بين يديه.. ولأنه كان يثق في العدالة، توجه الرجل إلى مقر الشرطة ووضع شكايته، وما هي إلا دقائق، حتى وجد نفسه في السجن، بتهم لا قبل له بحملها..
في منتصف الليل، اقتحم زنزانته مسؤول كبير من القصر الأميري، “إما أن تغلق فمك ولك من الأمير ما تشاء، فيلا في قلب لندن وزوجة جديدة ووظيفة بمرتب محترم، وإما السجن إلى أبد الدهر أما (م.س) فلن تحلم بها؟!” ولأنه بدوي مغربي، كان السجن أقرب إليه مما دعاه إليه المسؤول الكبير..
لحظتها كانت (م.س) زوجته بين أحضان الأمير الخليجي تقضي الليالي الملاح وتتمتع بمهج الدنيا.. تنكرت للزوج الذي اتهمته بالخيانة وطلبت الطلاق، بل وشهدت ضده في المحكمة فقضى أكثر من ستة أشهر في سجون الجحيم، لم ينقطع عنه المراسيل، الذي كانت رسالتهم الوحيدة، إنس (م.س)، واختر أي بلد تعيش فيه، والمرتب الذي تشاء، والإكراميات التي لابد منها.. وإلا!
ولأنه فضل “وإلا”! فقد اتصل بالصحافة الدولية، الإنجليزية خاصة، وراسل أمنستي والعديد من الجمعيات الدولية، اكتست قضيته صيغة دولية لكن دون تأثير على مسار حياته.
عاشت (م.س) في كنف القصر الأميري، حتى أن المتيم بها لم يعد يخرج من مخدعه، وهو المفتون بسحر (م.س) مستعينا بسلطته في البلد.. وفي إطار غامض أُرسل الزوج المعتقل إلى إنجلترا للعلاج من حالة “البارانوياك” و”عقدة الشعور بالاضطهاد” التي أكدتها زوجته التي طلبت الطلاق لاستحالة العيش معه تحت سقف واحد.
بل إن الرجل وجد أن أسرته الحميمة تصدق تقارير العلاج على روايته، قبل أن يقوم تلفزيون بريطاني بالتحقيق في قضيته، وهو ما هزَّ أركان الإمارة الخليجية.. لكن ظل الأمير طليقا ومحظيته (م.س) بجانبه، وإن تضرر مستقبله السياسي كأحد خلفاء عرش الإمارة الخليجية.. وعانى الزوج مشاكل جنسية من عقدة الانتصاب لمدة طويلة، قبل أن يدخل في مغامرة حب حذرة، لكن بكل تأكيد لن تنسيه (م.س) الفاتنة التي أسقطت عرش قلبه ولم تسقط عن مملكته، وأغرت أميراً وأودت بخلافته على عرش الإمارة الخليجية، وكانت بذلك حواء آدم الخليجي التي همَّ بها فهمَّت به، فأغوته وأغواها بأكل تفاحة الجنس، فوجدا نفسيهما في جحيم الأرض!