إنفراد: الحسن الثاني يحصل على نتيجة هزيلة في البكالوريا ويعاقبه السلطان محمد الخامس وهكذا عاتبه وخيره بين الملك والحياة الأميرية
جميلة سلمات
عندما زار السلطان محمد الخامس مدينة طنجة سنة 1947، كان ولي العهد مولاي الحسن قد انهمك حسب ما ورد في بعض المراجع التاريخية، في الإعداد لمراسم زيارة والده، وتحضير الخطب التي ستلقى رأفيها، العامل الذي جعل تفكيره ينصرف شيئا ما عن الدراسة، فكان أن حصل آنذاك على نقطة أقل من المتوسط في الامتحانات التجريبية الخاصة بالقسم الأول من الباكلوريا، مما شكل آنذاك صدمة عنيفة لهيأة الأساتذة، بل دفع الأمر مدير المعهد المولوي إلى كتابة رسالة عاجلة إلى السلطان محمد الخامس يخبره فيها بالنتيجة، معلنا في ذات الوقت أسفه مما آلت إليه أمور الأمير.
وحسب ما ورد على لسان الملك الراحل الحسن الثاني، أنه فور علم السلطان بالنتيجة الهزيلة التي حصل عليها ابنه، استدعاه في المساء للتحدث إليه في هذا الشأن، يقول الملك “مشيت إليه في استحياء، حتى وقفت بين يديه في غرفة الأكل، وهو يتناول طعام العشاء، فرفع – رحمه الله – رأسه وقال لي: “آسميت سيدي، هل قرأت تاريخ المغرب؟ قلت نعم يا سيدي، قال هل تذكر ماذا فعل السلطان مولاي سليمان مع أبنائه في آخر حياته؟ قلت نعم سيدي، قال أحكه لي.. فحكيت له كيف أمعن السلطان مولاي سليمان النظر في أبنائه، وتأمل سيرة كل واحد منهم، فلم يرى فيهم من يصلح للملك، ورأى ابن أخيه مولاي عبد الرحمان بن هشام أحق منهم بالملك وأصلح له، لعلمه وعزمه وكمال عقله وحسن أدبه فولاه العهد دون أبنائه”.
وحسب اعترافات الملك الراحل، ما إن أنهى كلامه، حتى بادره السلطان محمد الخامس، “اسمع إنك مخير بين أمرين، إما أن تكون الحسن ابن محمد الأمير ولي العهد، وحينئذ يجب عليك أن تؤهل نفسك بالجد والاجتهاد واكتساب العلوم والتفوق فيها على الأقران، وإما أن تكون الحسن بن محمد الأمير فقط، وفي هذه الحالة سأيسر لك جميع الأسباب لتحيى حياة طيبة سعيدة، ولكن من غير أن يكون لك مطمع آخر”. بعد تفكير عميق دام ثلاثة أيام، اختار الأمير أن يكون وليا العهد، الأمر الذي انشرحت له أسارير السلطان.
وبالفعل – يقول الحسن الثاني عن والده – “أعانني، فقد حضر – رحمه الله – إلى المعهد، فأخذ من غرفتي بعض الآلات التي أتسلى بها، كالراديو وبندقيات الصيد وآلات التصوير وقطع سلك التلفون الذي كان يصلني بالأسرة والأصدقاء، ثم أمر المدير أن يبطل يومي الراحة الأسبوعية (الجمعة والأحد) حتى تصير أيام دراستي ومراجعتي متتابعة”، بل إن السلطان أمر الضابط المكلف بحراسة المعهد أن يمنع ولي العهد من الخروج ليلا ونهارا، مهددا إياه بالطرد إن هو خالف أمره.