آخر الأخبار

غرائب الوحم عند المغربيات.. يأكلن الفحم والطباشير والطين

0

جميلة سلمات

الوحم “فيه وفيه”، فهو ليس حكرا على المغربيات فحسب، بل حتى على الأوربيات والأسيويات وغيرهن، فالوحم” أوENVIE بالفرنسية و longingبالإنجليزية طقس جميل تعيشه جل النساء، يترجم الرغبة الحقيقية داخل كل امرأة في أن تتحول إلى أم، لكن قد يتحول هذا الطقس إلى كابوس مزعج يقض مضجع الأسرة بكاملها نظرا لما يرافقه من تغيرات نفسية وفسيولوجية تعصف بكيان المرأة وتجعل منها كائنا مزاجيا لا يستقر على قرار، نظرا لارتباط هذا الأخير بطقوس غاية في الغرابة كالرغبة في تناول أو شم بعض المواد والأشياء الغريبة عند “المتوحمة”، فقد تشتهي نفسها أثناء الوحم إلى تراب الأرض والطين والطمي، أو الغاسول، أو ” الفاخر” الفحم ، السيراج، أصابع الطباشير…وقد تشتعل أيضا شهوتها نحو بعض الفواكه في غير موسمها كالمزاح والمشمش والعنب، الفراولة، الكرز وكرموص “الهندية”، أو الخضر كالباربة، البطاطس الحلوة، الجلبانة، اللفت المحفور وغيره.. “الهدهد” يسلط أضوائه على بعض الطرائف والنوادر التي ترافق الوحم عند المغربيات، المندرجة أحيانا في خانة “الفشوش”، كإيقاظ الزوج في منتصف الليل وإرساله في طلب غريب، وهو ما يضطره إلى تلبية مطالبها خوفاً من أن تصيب “التوحيمة” جسم المولود، بالإضافة إلى العديد من الطقوس الغريبة التي تصل حد الهوس و تؤدي في غياب تفهم الزوج واحتضان الأسرة إلى الطلاق.

بغات قنفود مشوي في نصاصات الليل

قد تكون الرغبة الملحة في ممارسة بعض ” الفشوش” وراء الطلبات الغريبة وغير المنتهية خاصة خلال الوحم الأول حتى تضفي المرأة على وحمها طابعا تراجيديا، أو لربما تعطشها إلى اختبار مدى حب زوجها وإخلاصه لها خلال هذه الفترة التي تتسم باضطرابات نفسية كثيرة تعتري كيان حواء. إذ تعتبر الوحم الأول فرصة لا تعوض لممارسة “فشوشها”، خاصة أنها ” كتكون باقا عزيزة في الولادة الأولى”، هكذا بررت رجاء، ربة بيت (31 سنة) طلباتها الكثيرة التي أثقلت بها كاهل الزوج في الثلاثة أشهر الأولى من حملها، فهي تعتقد أن الزوج يكون أكثر قدرة على تلبية كل رغباتها مهما تعددت أو كانت غريبة خوفا من أن تبصم ” التوحيمة” جسد المولود القادم، تقول رجاء “واحد المرة توحمت على القنفود بالعدس وطلبت من راجلي ينوض يقلب ليا عليه، ويجيبو قبل ما نحكو فشي بلاصة ، وفعلا مجا حتى جابو معاه، هاكاك قنفود مشوك حي..”، إذ ما كان من الزوج إلا أن استجاب لهذا الطلب على مضض فأحضر القنفذ من أحد باعة الأعشاب بعد أن أيقظه من النوم، وطلب من إحدى الجارات أن تعد لزوجته طبق القنفذ بالعدس كما اشتهته، وانطلاقا من حديثنا إليها، يسود الاعتقاد الراسخ لدى رجاء أن من يحرم الزوجة من طلباتها خلال هذه الفترة تحل عليه اللعنة، وقد ينجم عن ذلك إسقاط المرأة لجنينها لأنها حسب تعبيرها ” كتنكس” أي تصاب بالإحباط أو قد يولد الجنين ببعض الأشكال الغريبة على جسده. وتضيف رجاء: “أنا مثلا فيا في رجلي توحيمة كبيرة ديال الكرشة حيث أمي الله يرحمها توحمات عليها ولكن با مداهاش فيها ومجابهاش ليها، وهي تحكها في رجلها وخرجات فيا والحمد الله لي جات مستورة وداكشي علاش منبغيش هاذ الأمر يتكرر مع أولادي”.

إذا كانت هذه المرأة، تصر على اعتبار الوحم فرصة لاختبار حب الزوج، وممارسة الدلع والدلال بمختلف أشكاله، فإن لربيعة 21 سنة طالبة وجهة نظر مخالفة، إذ أوضحت هذه الأخيرة بأن الوحم حالة تخرج فيها المرأة عن حالتها الطبيعية و تفقد القدرة في السيطرة على أعصابها ولعل هذا هو السبب وراء طردها لزوجها من البيت ، وعن ذلك تقول: ” لقد كرهت زوجتي خلال فترة الحمل، لم أعد أستطيع النظر في وجهه، و كان كلما اقترب مني أتأفف من رائحته وأشعر بالضيق والعصبية والتوتر، حتى أنني رفضت أن يقاسمني الفراش، وطلبت منه مغادرة المكان، وهو ما جعله يفقد صوابه ويهددني بالطلاق أكثر من مرة قبل أن يعلم أنني في فترة وحم، فترك المنزل مدة ثلاثة أشهر الأولى، وارسل والدته لتقيم معي بينما اكتفى بالاطمئنان علي عبر محادثتي هاتفيا”.

الحمل
الحمل

جاها لوحم على ماكلة العرس

“جاني وحمي الأول على لحم العراس و نوضت راجلي في نصاصات الليل يقلب عليه وقلت ليه مترجعش لا مجبتيش” ، تقول نعيمة 24 سنة وهي أم لطفلين ” ذات ليلة أيقظت زوجي حوالي الساعة 12 ليلا وطلبت منه أن يجلب لي” لحم العراس”، حاول أن يهدئني وأخبرني بأن أنام حتى الصباح وسيطلب من أحد أفراد عائلته أن يتكلف بإعداد طبق من اللحم ، لكنني عارضته ” حيث أنا ماشي لخاطري”، فخرج بحثا عنه في كل المنازل التي يسمع بعض أصداء الفرح تنبعث منها، قبل أن يجد ضالته عند سيدة تفهمت حاجته، فأجزلت له العطاء وأرفقت له قطع اللحم بالخبز وقنينة من المشروبات الغازية، وطلبت منه الدعاء لابنتها التي عقدت قرانها في تلك الليلة، تضيف نعيمة “حالما أحضر زوجي الأكل غرزت أظافري في الصحن وشرعت في التهام القطع ولعابي يسيل خوفا من أن تمتد يد زوجي إلى الصحن، بينما اكتفى هو بإمعان النظر إلي وكأنه يراني للمرة الأولى، أنهيت الأكل وعدت للنوم دون حتى كلمة شكر لزوجي، ” مني كنتفكر هاذاك المنظر كنموت على راسي بالضحك درت بحال شي جاهلة، وحتى راجلي معطيتوش حتى باش ينقي سنانو”.

تقتسم لمياء 28 سنة نفس القصة مع حسناء وإن كانت تختلف من حيث التفاصيل، إذ لطالما اعتقدت هذه الأخيرة أن الوحم كذبة كبيرة وأن النساء يبالغن في اشتهاء بعض الأشياء الغريبة والفواكه في غير موسمها، لكنها عندما جربت غيرت رأيها ” توحمت على الدلاح في البرد، ومشى راجلي يقلب عليه ما خلا لا أسواق ولا محلات كيعرف ماليها إلا وسول عليه ومشى حتى لسيدي علال البحراوي ، وفي الأخير جاب ليا دلاحة صغيرة بـ 100 درهم “.. لم تكن الفرحة تسع لمياء لأن زوجها عاد وفي يده الفاكهة التي اشتهتها ورغم صغر حجمها تضيف” المهم أنه دار ليا خاطري وجابها ليا واخا باعوها ليه غالية”.

لحماق: كايتوحمو على الغاسول والسيراج

إضافة إلى هذه الطرائف المتجذرة في الموروث الشعبي المغربي، هناك بعض الطقوس الغريبة التي ترافق الوحم عند المغربيات كـتناول “الغاسول، والطين، الطباشير، السيراج،…” وإن اختلفت درجة تعاطيها عند كل امرأة على حدة، وحسب الباحث السوسيولوجي حمداوي إبراهيم فإن إقبال المرأة على تناول مثل هذه الأشياء الغريبة هو انعكاس طبيعي جدا لحالة التوتر والقلق النفسي الذي يصيب الحامل أثناء الوحم وتجد متنفسا لها في طريقة الأكل والشرب وأحيانا تنفر من بعض الأطعمة العادية والمألوفة لديها، في مقابل ذلك تشتعل رغبتها في تناول بعض المواد والأشياء الغريبة، مثل (الفحم، الطين الأبيض، الصابون، الطباشير)، كنوع من التعويض وهو ما يبرز حسب الحمداوي حاجتها الكبيرة إلى الاحتضان وإلى تفهم الزوج، فالرجل المغربي بحكم ثقافته وتكوينه يبقى بعيدا عن الاقتراب من المرأة والإحساس بها وهي أحوج ما تكون إليه، حسب رأيه.

طلع ليها لوحم رخيص: شبعات فاخر مع راسها

إذا كانت طبائع النفس تختلف في الوحم وتذهب في مشارب شتى، فإن الوحم عند سعيدة (25سنة معلمة)، يكتسي طابعا خاصا، لكونها لم تستطع رغم معرفة أضراره على الصحة مقاومة رغبتها في تناول أصابع الطباشير الأبيض والفحم خلال فترة وحمها، تقول “كنت أقوم بهذا الأمر تقريبا بشكل يومي إلى غاية بلوغي الشهر السابع حيث توقفت تلقائيا عن ابتلاع الطباشير والفحم لأنه لم تعد لدي أي رغبة في القيام بذلك، حتى أنني في إحدى المرات وأنا أقضم قطعة من الفحم ” الفاخر” ” تكسر جزء من ضرسي الأعلى، ورغم ذلك لم أتوقف إلا عندما أنهيت القطعة، ورغم أنني أيضا كنت أصاب بالإمساك جراء تناولي المستمر للطباشير الذي كانت دائما علبة الأبيض منه لا تفارق حقيبتي، وكذلك الفحم الذي كان يحيل أسناني إلى سواد، إلا أن كل ذلك كان يهون في سبيل المتعة والراحة التي كنت أشعر بها وأنا ألتهم تلك القطع بالتناوب..”.

 

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط