جميلة سلمات
في كتابه “ذاكرة ملك” يكشف الحسن الثاني كيف تحول إلى محقق من طراز رفيع في قضية لا تزال تثير كثيرا من الجدل.. في يونيو 1956، اغتيل المقاوم عباس المساعدي قائد جيش التحرير بمنطقة الشمال، وكان إسم المهدي بن بركة من بين الأسماء المشار إليها في التورط في تدبير عملية الاغتيال.
وحكى الملك تفاصيلا عن الواقعة ضمن كتاب “ذاكرة ملك”، وهو حوار طويل أجراه الصحفي الفرنسي إيريك لوران مع الراحل الحسن الثاني، كاشفا عن حيثيات القضية، حيث قال إن “ابن بركة، كان هدفه إخضاع التسعة أو العشرة آلاف رجل المكونين لجيش التحرير لسيطرة حزب كان سيصبح حزبا وحيدا. ونتيجة لذلك التحرك تم اختطاف واغتيال أحد مؤسسي جيش التحرير وإسمه عباس المسعدي”.
وباستفاضة يشرح الملك: “…فبمجرد القبض على المدعو حجاج اعترف لنا بأنه قتل المسعدي. وهدانا إلى المكان الذي دفنه فيه، وقال: ( قتلته بأمر من ابن بركة)، وسجل اعترافه كل من وزير العدل وعامل فاس. وثرت غاضبا كما كانت عادتي في تلك الفترة، وكلمت أبي هاتفيا مخبرا إياه بعودتي إلى الرباط، وفعلا عدت على متن طائرتي وكان اليوم يوم أحد. وحطت الطائرة في مطار العاصمة، وعند وصولي إلى القصر نظر إلي ” المعلم”، وعلي أمارة الاندهاش وقال لي لم جئتم؟.. وتقمصت شخصية “فنفان لاتوليت” المعروف بحماسه وقلت له: ” المسألة بسيطة، جئت لألقي القبض على ابن بركة”.. فنظر إلي غير مصدق، وقال: كيف؟ فسلمته اعتراف حجاج. وقلت: ” اقرأه” فتأمل الورقة على مهل، ثم أخذ يحدث نفسه مرة بهدوء وأخرى بلهجة حادة”. وحسب مذكرات الملك، فإن المهدي بنبركة لم ينف التهمة الموجهة إليه.